هل طرحت على نفسك يومًا سؤال: ما الهدف من الـ NFT؟ لماذا يشتري آلاف الأشخاص حول العالم قطع NFT بملايين الدولارات؟
ظهرت الـ NFT لأول مرة في سنة 2014، لكن أوج قوتها وشهرتها لم يظهر حتى بدايات سنة 2019 حين أصبح ترند عالمي لدرجة أن المشاهير يقتنون قطع NFT بملايين الدولارات. تاركين الناس تتسائل عن القيمة الفعلية لهذه الممتلكات الرقمية وكيف يمكن الاستفادة منها.
لكن في سنة 2023 تراجع الترند بشكل كبير، فالكثير من قطع الـ NFT العالمية التي تم بيعها بملايين الدولارات تسوى اليوم في أفضل حالاتها آلاف الدولارات. أكبر مثال على ذلك هو قطعة NFT عبارة عن " أول تغريدة لمؤسس تويتر " التي بيعت مقابل 2.9 مليون دولار، وسعرها اليوم 4 دولار فقط ( المصدر ).
ليست القطع الوحيدة، فقطعة أخرى عبارة عن Ape اشتراها Justin Beiber مقابل 1.3 مليون دولار قميتها اليوم 59 ألف دولار. وكذلك قطع أخرى كثيرة. يحيلنا هذا لطرح مجموعة من الأسئلة حول الـ NFT.
ما هو الـ NFT؟
يتم تعريف الـ NFT أنها Non Fungible Tokens أو الرموز غير القابلة للاستبدال. وبالمختصر هي عبارة عن تسجيلات رقمية يتم وضعها في شبكة البلوكتشين من الصعب تزويرها أو تعديلها، ويتم فقط تحويل ملكيتها لأشخاص آخرين. ويمكن أن تضم هذه الرموز: نصوص، صور، موسيقى، فيديوهات، مواقع ويب، تغريدات ...
يمكن للمستخدمين العاديين تحويل ما لديهم من محتوى إلى NFT عن طريق عملية الـ Minting وهي إدراج أي نوع من المحتوى في شبكة بلوكتشين مخصصة لتحمل رقم لا يتكرر ويصبح رمزًا قابلًا للتجميع (Collectible) ويكتسب أيضا سعرا.
ما الهدف من الـ NFT؟
باختصار وفي الأصل، يهدف الـ NFT إلى تحويل القيم الواقعية إلى قيم افتراضية، وامتلاكها رقميًا بدل الحيازة عليها فيزيائيًا.
تخيل مثلًا لوحة "موناليزا" الشهيرة، إن توافرها في أرض الواقع يكلف الكثير، وتعتبر رمزًا من الرموز الفنية الأثرية للفنان (ليوناردو دافينشي) لكنها معرضة دائما للتلف والمخاطر. والمحافظة عليها يستهلك الكثير. ماذا لو كان بإمكاننا تحويل هذه القطعة الفنية إلى صورة رقمية، بنفس قيمتها، وجعلها متاحة للعرض رقميًا، بل وحتى الاستحواذ عليها في حالة أراد مالكها الأصلي بيعها. بذلك يمكننا تخفيض تكاليف مثل هذه الأعمال وفي نفس الوقت الحفاظ عليها رقميًا.
هل شاهدت في الأخبار يومًا ناشطون بيئيون يقومون برمي الطلاء على آثار ولوحات فنية قيمة؟ يهدف هؤلاء الأشخاص لإيصال فكرة بسيطة وهي أن تلك اللوحات لا قيمة لها في حالة تعرض الكوكب للخراب والدمار، إذ تنفق المتاحف والأغنياء مليارات الدولارات في شرائها والاستمتاع بمشاهدتها، بينما لا ينفقون ربع هذا القدر عليها لإنقاذ البيئة
لذلك كانت فكرة الـ NFT وهدفه الأساسي هو ترجمة هذه اللوحات الفنية إلى لوحات رقمية للحفاظ عليها.
لكن سرعان ما تحول الأمر إلى مهزلة بعد أن بدأ أشخاص ببيع صور قرود و رموز Punk بملايين الدولارات، وانتقل الهدف من الـ NFT للحفاظ على الكنوز الأثرية ورقمنتها إلى مهزلة لبيع صور رقمية قد لا يكون لها قيمة مستقبلًا.
المشكلة الأساسية للـ NFT
يوجد مشكلة أساسية ورئيسية للـ NFT بشكل عام: لا يمكن تحقيق الربح منها إلا عن طريق بيعها .
تم سؤال بعض أثرياء العالم مثل (وارن بافيت) و (بيل غيتس) حول رأيهم عن الـ NFT وقد كان ردهم منطقيًا: إنها لا تقدم فائدة ملموسة. وهم على حق في قولهم. كما قال (وارن بافيت) إنه يفضل شراء حقل لإنتاج القمح بأي سعر ولن يشتري عملة مشفرة أو NFT بدولار واحد. لأن الحقل ينتج القمح الذي يمكن بيعه وتحقيق الفائدة منه، عكس الـ NFT والعملات المشفرة إلى حد قوله.
ليس للـ NFT فائدة ملموسة، في الحقيقة إن كان لديك حاليا NFT فلا يمكنك أن تحقق منها أي فائدة سوى بيعها لشخص آخر، الذي لن يحقق منها أي فائدة سوى عرضها للبيع، وهكذا ...
استغل البعض أسعار الـ NFT المرتفعة كوسيلة لغسل الأموال كذلك، وهو ما زاد من شعبية الـ NFT أكبر، ودفع مستخدمين لعرض رسومات ومحتوى عادي مقابل أسعار خيالية، كحزمة CryptoPunk التي وصل سعرها لمليارات الدولارات.
هل الحصول على قطع NFT أو صناعتها يستحق حاليًا؟
انخفض ترند الـ NFT بشكل غير مسبوق، لدرجة أن شركات كثيرة مثل (ميتا) التي كانت تخطط لإدماج قطع الـ NFT في خدماتها تخلت عن الفكرة كليًا. شركات أخرى التمست نفس القرار بعد دراسة للسوق والخروج بفكرة أن الـ NFT لن ينجح كما نجح في الفترة بين 2019 و 2022.
لا أحد يمكنه أن يخبرك بدقة بما يخبه المستقبل للـ NFT وقطعها ورموزها، لكن يوجد حالة واحدة أكيدة قد تدب الحياة مجددًا للـ NFT حتى قبل شهرته في السنتين الماضيتين وهي:
التخلص من مركزية الخدمات وشهرة الخدمات اللامركزية. حين يعتمد جزء كبير من العالم على الخدمات اللامركزية، كالبيتكوين مثلًا كوسيلة دفع وخدمات رقمية مشابهة، ويصبح الـ Blockchain وخدماته أساسية لا غنى عنها، فحينها يمكن القول أن دور الـ NFT سيكون ضروريًا في الشبكة.