إن بزوغ الواجهات و التصميمات لم يعرف اوجه حتى الـ 5 سنوات الأخيرة، و ذلك بتطور التقنيات المخصصة لصناعة الواجهات سواء على الموبايل، الويب و حتى تطبيقات سطح المكتب، و بظهور أدوات و برمجيات تم تخصيصها لهذا الغرض، ناهيك عن كتب و قوانين تعصرن و تقنن عالم سلوكيات البرمجيات في عالم التقنية، فقد أصبحت الواجهة يُحسب لها حسابها، و أصبح لها قوانينها ( او ما يعرف بقوانين الـ UX )، كل هذه السلوكيات تفرض علينا نحن بدورنا ان نتبع تطبيلات الديزاين مجبرين لأن المستخدم قد اعتاد إستخدام برمجيات مماثلة، و في حالة التغيير فلن تؤذي الا نفسك.
لربما العائق الذي يجعل المبرمج لا يبرمج منصات تعتمد على الـ Dark Mode هو خوفه المتسلسل من عدم تفهم المستخدم العادي للستايل الباطني الذي يجلبه معه هذا الاخير، إلا ان دراسة جوجل الأخيرة قد بثت السكينة مجددا في قلب هذا الأخير، فصار أريح و أفضل العمل في برمجيات وضع مُظلم، و تصميم برمجيات وضع مُظلم، لأشخاص يعشقون الوضع المُظلم.
- حفظ البطارية : قد كان من بين الأسباب التي جعل الشركة تنتقل لهذا الوضع، إذ بتضمينها لكل من بعض خواص الذكاء الإصطناعي و الوضع المُظلم سيمكنها أخيراً جعل المستخدم يستمتع بالإستخدام الطويل لهاتفه الذكي دون الحاجة الى شحنه مرات متتالية في يوم واحد.
هل هذه الأسباب كافية؟ حتما هي كذلك فهي كل ما تحتاجه لتقنع أي شخص بإستخدام هذا الوضع.
قانون Jackob : على موقعك ان يكون مثل المواقع الأخرى من حيث التصفح : يقول قانون Jackob في الـ UX، ان العديد من الأشخاص الآن يقضون أوقاتهم في معظم المواقع الأخرى المشهورة مثل فيسبوك و تويتر و جوجل و يوتيوب و غيرها، و إن اردت إقناع زوارك بإستخدام موقعك أنت أيضا، فعليك ان تجاريهم، ان تتبع قواعد تلك المواقع، حتى يشعر المستخدم بالأريحة في موقعك و لا يجد أي صعوبة في تصفحه . على سبيل المثال، لنأخذ مثال موقع إجتماعي خاص بك، فنحن في المواقع الإجتماعية معظمها او كلها، بعد التسجيل يظهر لنا في الأعلى Navbar تتضمن معلوماتنا و بعض الروابط مثل : الرئيسية، الحساب، الخروج ...، و تتضمن صورتنا و ما الى ذلك، اذا ما قمت في موقعك الإجتماعي الخاص بمخالفة هذا الأمر و وضعتها مثلا في الأسفل بدل الأعلى، قد يجد مستخدموك عائقا كبيرا في استخدام موقعك لانه غريب قليلا عنهم، فيفضل الخروج منه و الرجوع الى الفيسبوك .و إندلعت ثورة الـ Dark Themes او الـ Dark Modes او ما يصطلح عليه بالعربية بالوضع الليلي / الوضع المظلم بين صفوف كل عشاق التصميمات و بناء الواجهات الإحترافية، و سارعت العديد من الشركات الكبرى و المواقع الضخمة لتضمينه في برمجياتها التي يستخدمه الملايين، مثل منصة Reddit التي أدرجت الوضع الليلي في كل من التطبيق الرسمي للموقع و حتى الموقع أيضا بعد الولوج لحسابك، فهل يكون الـ Dark Themes النفحة الجديدة في عالم التصميم و الواجهات ؟ و هل يجب عليك الإتجاه صوب تصميم برمجيات بواجهات الـ Dark Themes ؟
- لأن الأسود يليق بك :
هي رواية لأحلام مستغانمي تحمل نفس العنوان تحكي قصة فتاة إتخذت الأسود رداءً لها حدادا على مقتل والدها فسقط في حبها رجل خمسيني لجمال سوادها، لعل أول سبب سيجعلك تقتنع ان التوجه صوب الـ Dark Themes ضروري هو لأنه يليق بالجميع، لربما فئة قليلة فقط من تكره وضع الـ Dark Themes في مُعظم برمجياتها، حتى ان صديقتنا جوجل قد قامت بإجراء إحصاء بسيط جعلها بقوتها الرقمية تتجه نحو تطوير برمجيات و أنظمة تعتمد على الـ Dark Mode، بل و قررت ان تُصدر نسخة نظام أندرويد بأكملها تعتمد على الـ Dark Mode، هل فقط من أجل زيادة جمالية النظام ؟ قد يكون الجواب نعم، و قد يكون الجواب عكس ذلك، و سنبرهن الإجابة لاحقا في أسطر هذا المقال.
حتما جوجل ليست الوحيدة، فقد أطلقت فيسبوك هي الأخرى تحديثا عبارة عن Easter Egg او تقنية خفية في تطبيقها الشهيرة Messenger للهواتف الذكية، يوفر لك هذا التحديث إمكانية جعل تطبيق Messenger و تحويله للوضع الليلي عن طريق إرسال رسالة تتضمن إيموجي الهلال 🌙 لرسالة لشخص ما، ثم النقر على الإيموجي و التحويل للوضع الليلي في التطبيق، الذي أضفى لمسة جميلة على الماسنجر، و جعل الأسود حقا يليق به !
لن يختلف إثنان على ان الـ Dark Themes / Modes تضفي لمسة جمالية تليق بأي برمجية كيفما كانت و تبرز الجمال الحي الذي يأتي مع بقية عناصر الـ UI المكونة لتلك البرمجية، لكن غير ذلك هل يفيدنا الـ Dark Themes في شيئ آخر غير إبراز الجمالية ؟
لن يختلف إثنان على ان الـ Dark Themes / Modes تضفي لمسة جمالية تليق بأي برمجية كيفما كانت و تبرز الجمال الحي الذي يأتي مع بقية عناصر الـ UI المكونة لتلك البرمجية، لكن غير ذلك هل يفيدنا الـ Dark Themes في شيئ آخر غير إبراز الجمالية ؟
لتعرف الإجابة إسأل مبرمجاً :
المبرمجين هم أكثر الأشخاص المتحمسين لتضمين الـ Dark Themes في جل البرمجيات التي نستخدمها يوميا، فقد إعتاد المبرمج ان يشتغل في IDE ( محرر أكواد ) يأتي بالوضع الليلي من أول زر لآخره، فالوضع الليلي الى جانب جماليته يساعد أكثر على التركيز، يوفر إمكانية التحقق في الشاشة دون أذية عينيك كثيراً كونه يعتمد بشكل اكبر على الألوان الغامقة و القاتمة على الألوان المزدهرة، يمكنك ان تلاحظ ان الوضع المُظلم كذلك يوافقه الكثير من الألوان الاخرى التي تبث السكينة في قلبك، خصوصا ان المبرمج يحتاج لأكبر قدر من الهدوء حتى يكتشف مكان الـ " ; " اللعينة !لربما العائق الذي يجعل المبرمج لا يبرمج منصات تعتمد على الـ Dark Mode هو خوفه المتسلسل من عدم تفهم المستخدم العادي للستايل الباطني الذي يجلبه معه هذا الاخير، إلا ان دراسة جوجل الأخيرة قد بثت السكينة مجددا في قلب هذا الأخير، فصار أريح و أفضل العمل في برمجيات وضع مُظلم، و تصميم برمجيات وضع مُظلم، لأشخاص يعشقون الوضع المُظلم.
فوائد أخرى للـ Dark Themes قد لا تعرفها :
لم تشرع جوجل مباشرة في القيام بخطوة كبيرة و إصدار نظام أندرويد مبني على الـ Dark Themes، او جعل تطبيقها او منصتها اليوتيوب تعتمد هي الأخرى على هذا الوضع، او بقية برمجياتها الأخرى، بل قد وجدت الإيجابية في هذا الوضع، و لفت إنتباهها الفوائد الكثيرة التي يوفرها هذا الأخير لعل من بينها :- حفظ البطارية : قد كان من بين الأسباب التي جعل الشركة تنتقل لهذا الوضع، إذ بتضمينها لكل من بعض خواص الذكاء الإصطناعي و الوضع المُظلم سيمكنها أخيراً جعل المستخدم يستمتع بالإستخدام الطويل لهاتفه الذكي دون الحاجة الى شحنه مرات متتالية في يوم واحد.
- - الحفاظ على العينين : قد أصدرت جوجل كذلك ( و سنبقي الآن تجاربنا على جوجل لنبرز محاسن هذا الوضع ) في بعض إصدارات الأندرويد خيار " Eye Comfort " الذي يقوم بفلترة الأشعة الزرقاء من الهاتف اثناء الإستخدام من أجل إستخدام الهاتف لوقت طويل دون تعب او كلل للعينين مع بعض النتائج السلبية لتشويه واجهات التطبيقات، الـ Dark Themes سيحل هذا المشكل بشكل كبير يا صديقي، إذ ستجلب خواص الحفاظ على العين دون تشويه لواجهة التطبيقات المنصبة في الهواتف.
- - تسهيل إستخدامك للهاتف : كأي شركة أخرى تسعى جوجل لتقوية الروابط بين المستخدم و الهاتف الذكي الخاص به ( نعم كما لو أن الروابط ليست وطيدة مسبقا ) عموما، هي تقنية تستخدمها جل الشركات مثل Netflix مثلا على تسهيل إستخدام التطبيق او البرمجية، جوجل تريد ان تقوم بالمثل عن طريق تضمين الـ Dark Themes.
هل هذه الأسباب كافية؟ حتما هي كذلك فهي كل ما تحتاجه لتقنع أي شخص بإستخدام هذا الوضع.
- برمجيات شهيرة تعتمد على الـ Dark Mode :
جوجل ليست الوحيدة، و إن ركزنا عليها في هذا المقال فهذا لانها من الشركات العُظمى التي توفر لك واجهات إستخدام جد إحترافية بفضل خبرائها في المجال، لكن يوجد منصات أخرى و برمجيات أخرى شهيرة تعتمد كليا على الـ Dark Mode، قبل ان نطرحها عليك نذكرك ان احد الأسباب الأخرى التي جعلت جوجل تقوم بتطوير نظام Dark Mode للأندرويد هو توافقه مع التطبيقات الشهيرة التي بدات بالتوكل على هذا الثيم او الوضع، من بينعا :- - نتفلكس Netflix : لا أحد سينكر ان هذه الأخيرة تأتي بواجهة مميزة على الهاتف في تطبيقها او على المنصات الاخرى، وضع ليلي زخم تسطع فيه أسماء الأفلام و السلسلات التي تقترحها عليك هذه الأخيرة، نتفلكس مثال جيد لبرمجيات الوضع الليلي.
- - سبوتيفاي Spotify : برمجية الموسيقى الشهيرة هي الأخرى تأتي بوضع ليلي على كل برمجياتها ( للأندرويد، الويندوز ...) البرمجية تعتمد كليا على الدمج بين اللونين الأسود و الاخضر مما يوفر واجهة إحترافية مميزة.
- - ريديت Reddit : واجهة الإنترنت الشهيرة لم تخلو هي الأخرى من توفير الوضع المُظلم في مُعظم برمجياتها للويب و الأندرويد، و الوضع المظلم في ريديت يوفر إمتيازا كبيرا في الواجهة، خصوصا ان هذا الاخير لم يغير واجهته منذ سنوات عديدة.
- - متصفحات الويب : نعم، كل من Opera, Puffin, Samsung Internet Browser, Firefox و كذلك Chrome مؤخرا قد أضافت الـ Dark Mode لبرمجياتها ( للأندرويد ) و أصبحت توفر ميزة التصفح في الوضع الليلي ... مميز لشخصيات الـ Nocturnal.
- - ديسكورد Discord : هي برمجية أخرى أيضا مميزة تستخدم منذ الازل وضع المُظلم و الـ Dark Themes، و لا احد يشتكي إطلاقا من واجهتها المميزة.
- - تويتش Twitch : و لا ننسى منصة الألعاب الشهيرة أيضا منصة Twitch التي ادرجت الوضع المُظلم كجزء حداثي من واجهتها المميزة المخصصة للألعاب.
- - تيليجرام Telegram : ليس في التطبيق الأصلي، لكن تطبيق Telegram X يوفر لك إمكانية التحويل الى الوضع المُظلم و الإستفادة من تجربة إستخدام مُظلم لتطبيق المراسلة الشهير Telegram.
- - ويكيبيديا Wikipedia : حتى تطبيق ويكيبيديا للأندرويد يدعم الواجهة المُظلمة، حتى تستفيد من تصفح كامل للمواضيع و المقالات من المنصة دون تعب للعينين و مع حفاظ على البطارية.
كما تلاحظ ايها القارئ، لم يبقى سوى انظمة الأندرويد و أكوا ويب اللذان لم يطبقا بعد الوضع المُظلم، فهذا الأخير قد أسر قلوب المطورين أولا، و المستخدمين ثانيا، و صار شكلا لا يمكن الإستغناء عنه ... فكإجابة عن سؤالنا الأزلي المعنون به هذا المقال : هل التوجه صوب الـ Dark Themes أصبح ضروريا ؟ الجواب حتما سيكون نعم، لا عيب في تضمين الوضع الليلي في برمجيتك القادمة، بل يجب عليها ان تتضمنه، لا تخجل من إستخدامه بعد الآن فالكل يستخدم، بل جوجل تنصحك بإستخدامه، العالم كله ينصحك بالتوجه صوبه، و نحن في هذا المقال نشجعك بدورنا على البدئ في تغيير ستايل برمجيتك القادمة و جعلها Dark Themed.