لا يمكننا ان ننكر ان الإنترنت صارت جزءا من حياتنا الآن، بل أصبحت الحياة الحقيقية مهربا و منفذا للخروج من ظلام الإنترنت، لكن عودة بنا لما قدمه الإنترنت لحياتنا اليومية، فقد سهل الكثير من الأشياء، و للأشخاص المنغمسين في طيات الفيسبوك، فدعني أخبرك ان العالم اليوم يتضمن ربوتات قادرة على التفكير، و لها جنسية سعودية كذلك، و أصدقائها قادمة في القريب، و دعني أذكرك ان السيارات اليوم لا تحتاج الى سائق بعد الآن، أصبحت ذاتية القيادة عزيزي، و دعني اذكرك انه يوجد الآن عملات اخرى غير الدرهم و الريال و الدولار و اليورو، بل يوجد بيتكوين و إيثيريوم و غيرها من الـ Altcoins، و دعني اذكرك ان حقائق Jurassic Park و Minority Report و كذا تقنيات Mission Impossible أصبحت متاحة للجميع، و انت صديقي لازلت تجرب تطبيقات الزواج طمعا في الحصول على زوجة، إن كان هناك نساء من أساسه يستخدمن تلك التطبيقات .
لكن هذا التطور التقني التكنولوجي المعلوماتي الإنترنتي، لم يلتحق بعد بعالم الأعمال و الإقتصاد بعد، بل لازال الأمر منذ سنين، إلى حين ظهور عملة " بيتكوين - Bitcoin " التي يمكنك مراجعة كل شيئ عنها من المقال التالي : إليك كل ما تحتاج معرفته حول عملة البيتكوين " Bitcoin " و كيفية تحصيلها، حين ظهر البيتكوين، كان هذا الأخير بمثابة " القفزة " في عالم الإقتصاد و الأعمال، فالبيتكوين حر طليق، لا يمكنك إمساكه و لا يمكنك تقييده و لا يمكنك إستعباده، أصبح اخيرا بإمكاني ان ارسل 100 دولار ( على شكل بيتكوين ) لصديقي الواقع في سيريلانكا لتصله في الحال 100 دولار ( على شكل بيتكوين ) دون التوسط من أي طرف ثالث مثل بنك محلي او عالمي و تعقب المال و كيف ذهب و متى تم سحبه و من أرسله و تم تحويله و كل تلك التبعيات الإقتصادية، من أجل جعلك جزءا ضمن خطة تكبير و تطوير و زيادة سعر عملة ما ( لأن مبدأ الإقتصاد يقوم على الإستخدام الكثير = قيمة أكبر، إن كنت ارسل لصديقي كل يوم 100 دولار عبر خدمة ويسترن يونيون، و كذلك الحال بالنسبة لـ 10.000 شخص حول العالم كل يوم ، فالدولار سيرتفع لأن الطلب عليه كبير، و بذلك فقد ساهمت في رفع إقتصاد عملة و ازدياد رأسمال أغنياء العالم كما العادة ) .
ظهور البيتكوين زعزع عالم الإقتصاد، سأخبرك لماذا فعل ذلك حقا و لكن أعرني تركيزك قليلا لأنني سأقوم بتجسيد كل ذلك عبر مثال بسيط، لدينا " هشام" يريد إرسال المال لـ " عصام"، و " شريف " شخص غني يمتلك بنكا دوليا، يمتلك " عصام " حصة 1500 دولار و يريد " عصام " تحويل تلك الاموال من إسبانيا، الى " هشام " القاطن بالمغرب، لدى " عصام " حلين لا ثالث لهما، إما ان يقوم عصام بالخضوع الى سوق الطلب و العرض، و يقوم بتحويل 1500 دولار الى " هشام " عبر بنك " شريف " الدولي، هذا الجشع الاخير الذي سيقتطع حصته و نسبته، و سيوصل مبلغ 1200 دولار فقط، و سيمكنه مراقبة ما الذي سيفعله " هشام " بالمبلغ كذلك، هل سيقوم بحفظها او ارسالها الى شخص اخر او استخراجها .
اما الحال الثاني، فهو تحويل 1500 دولار الى عملة رقمية تسمى " بيتكوين " ثم يضيف المبلغ في محفظة معينة، و يطلب من " هشام " ان يعطيه كود محفظته كذلك، ثم يرسل له 1500 دولار على شكل بيتكوين، ثم يقوم بإرسالها بالإعتماد على تقنية الـ Blockchain، يقوم " هشام " بتحديث محفظته و يجد 1500 بيتكوين مخصصة، لن يحصل أي طرف ثالث مثل " شريف " على أي عمولة او تحويل، و لن يمكنه معرفة و تتبع تلك المبالغ و بذلك لا سلطة له بعد الآن في التعاملات المالية .
لقد بدأت اخيرا القوى الإقتصادية تفقد حكمها المتشدد على الإقتصاد و على التعامل المالي و المادي بين الأفراد و المجتمعات، فنحن الآن لا نحتاجك أيها الطرف الثالث من أجل تحويل الأموال، يمكننا فعل ذلك بكل أمان و سهولة عبر تقنية الـ Blockchain .
حسنا، حتى الآن كل شيئ جيد، إذن ما الجديد في تقنية الـ BlockChain هذه ؟ و لما يسعى الجميع لإتخاذها ؟ و ما حكاية تغيير العالم التقني مستقبلا ؟ و ما قصة سبونج بوب و تقنية الـ BlockChain على صفحتكم على الفيسبوك ؟
دراسة حالة عبر تقنية الـ P2P :
هل لديك فكرة عن القرصنة و كيف تتم ؟ لنفترض مثلا فلم جديد لشركة مارفيل و لنقل Avengers Inifnity war، بعد إطلاق هذا الفلم، يقوم شخص ما بإقتنائه على شكل DVD، او يقوم بتسجيله مباشرة عبر احد الخدمات مثل Netflix الى جهازه الشخصي، بعدها لا يقوم هذا الأخير برفع الفلم في سيرفر لشركة معينة، لأن رفع الفلم في سيرفر، يعني ان الشركة المنتجة للفلم تستطيع التحدث مع أصحاب السيرفر و حذف الفلم بل و مقاضاتهم أيضا، لذلك، يتم الإعتماد على تقنية الـ P2P من أجل قرصنة الأفلام .
لتجاوز هذا العائق ( من طرف المقرصن بالطبع ) سيقوم برفع الفلم في حاسوبه الشخصي، و سيوفر ملفا بتقنية الـ P2P او Peer2Peer ( التي شرحناها في مقالنا حول : ما هو التحميل بالتورنت (Torrent) ؟ كيف يشتغل ؟ و هل هو قانوني ؟ إليك كل ما تحتاج معرفته حول التورنت، سيقوم صديقنا المقرصن بتوفير ذلك الملف، و إرساله لأشخاص اخرين، سيقوم اولائك الأشخاص بتحميل الملف مباشرة من حاسوب المقرصن الأصلي دون الحاجة الى سيرفر، ليس هذا فقط، بل في كل مرة يقوم شخص بتحميل الملف من الحاسوب، يقوم هو أيضا بدوره برفع الملف لحواسيب أخرى، فتخلق شبكة من الحواسيب التي تتبادل الملفات فيما بينها دون رقيب او عتيد، ولا تستطيع الشركات فعل أي شيئ لأن الأمر أشبه ب " نسخ و لصق " للملف من حاسوب الى حواسيب أخرى .
يشتغل الـ Blockchain بنفس الطريقة و بنفس مبدأ الـ P2P ظاهريا، فتخيل لو ان ان معلومات المستخدمين و بياناتهم هي الملف، هذا الملف موجود في حاسوب واحد فقط ( في بداية الأمر ) لكن مع الوقت، سيتلاشى ليصبح في جميع الحواسيب، يمكن تبادله بين الجميع، ليس هذا فقط، بل لا يمكن لأحد التلاعب به او تزويره او تحريفه او التحكم به، سيصير معلومة حرة موجودة لدى الجميع و يمكن تبادلها بين الكل، الـ Blockchain يقتبس نفس المبدأ لكن بشكل أعمق و أعمق بكثير، فبدل تمرير ملف فلم بين مئات الحواسيب، الـ Blockchain يقوم بتمرير كل المعلومات في العالم بين كل حواسيب العالم .
لمحة تقريبية عن الـ Blockchain :
لربما تلخبطت في طيات الأسطر السابقة عن ماهية الـ Blockchain و كيف تتم و ما الى ذلك، لذلك سأقدم لك لمحة تقريبية عن مستقبل العالم إذا ما انتهج الـ Blockchain، تخيل معي ان المعاملات الإلكترونية كلها ستتم في رمشة عين، يمكنك إرسال البيانات التي تريد لأي شخص في هذا العالم بكل سهولة، تخيل معي ان كل شيئ آمن و لا يمكن لأي احد او جهة او اطراف إطلاقا التجسس عليك و معرفة ما الذي تفعله او ما الذي أرسلته، تخيل معي الشفافية الإلكترونية التامة، لا يمكن لإنتخابات امريكا ان يتم إختراقها او تزويرها، لا يمكن لأي احد التحكم فيها إطلاقا، لأنها امنة و تتم عبر تقنية الـ Blockchain، لا يمكن لأي شخص تزوير اي معلومة رقمية في العالم كيفما كانت، تخيل معي ان كل المعاملات كلها ستتم بينك و بين الطرف الذي تريد التعامل معه فقط، لا وجود لطرف ثالث إطلاقا، لا تحتاج لبنك او حوالة أموال لأرسال المال لصديقك، و لا تحتاج لإرسال بياناتك الشخصية لصديقك عبر البريد لتطلع عليها كل من جوجل و فيسبوك و تويتر و كل الخدمات، بل يمكنك إرسالها بسرية تامة، ناهيك على السرعة القصوى في هذه التعاملات .إن الـ Blockchain ستغير التعاملات في العالم من جميع النواحي و جميع الجوانب، فتخيل فقط انه يمكنك تسريب و تبادل معلومات فلم عبر تقنية التورنت، فماذا لو أمكنك فعل المثل مع كل المعلومات الرقمية في هذا العالم و بشكل أكثر تطورا ؟